للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اجتاز أبو الطيب برأس عين سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وقد أوقع سيف الدولة بعمرو بن حابس من بني أسد، وبني ضبة وبني رياح من بني تميم، يمدح سيف الدولة بهذه القصيدة، ولم ينشده إياها، فلما أنشده هذه القصيدة اللامية، أنشده إياها، وألحقت في هذا الموضع، وهي من قوله في صباه:

ذِكْرُ الصَّبا ومَرَابِعُ الآرامِ ... جَلَبَتْ حِمَامِي قَبْلَ وَقْتِ حَمامي

دِمَنٌ تَكاثَرَتِ الهُمومُ عَلَيَّ في ... عَرَصَاتِها كَتَكاثُرِ اللُّوَّامِ

فَكَانَّ كُلَّ سَحَابَةٍ وَقَفَتْ بِها ... تَبْكِي يِعَيْنَيْ عُرْوَةَ بنِ حِزَامِ

الذكر: جمع ذكرى. والآرام: الظباء، ومرابعها: المواضع التي تقيم فيها مدة الربيع، والحمام: الموت، والدمن: المواضع التي ينزل بها القوم فتبقى فيها أبعار إبلهم، وآثار نارهم، (وعرصات) الدمن: أوساطها، وعروة بن حزام العذري: أحد العشاق المتقدمين وهو ممن قتله العشق.

فيقول: ذكر الصبا وما فرط من طيبه، والشباب وما سلف من السرور به (. . .) زمن إلمامي على ربع الآرام من الأحبة، جلبت إلي الحمام قبل وقته (. . .).

ثم قال: دمن تكاثرت الهموم علي (. . .) في عرصاتها من دروس رسومها (. . .) كتكاثر اللوام على ما لحقني من الحزن، وأحاط بي من البث والشجن، وكأن سحاب (. . .) الأمطار المغيرة لها تبكي عليها رثاية لتغيرها، وأسفا على دروسها وتبدلها بعيني عروة بن حزام، الذي كان لا يرقا دمعه، ولا يفتر حزنه، فأشار ببكاء السحاب على هذه الدمن إلى ما كانت عليه من الحسن والجلالة، وبمداومة المطر لها إلى ما صارت إليه (. . . .).

وَلَطَالَما أَفْنَيْتُ رِيْقَ كَعَابهَا ... فِيها، وأَفْنَتْ بالعِتَابِ كَلامي

قَدْ كُنْتَ تَهْزَأُ بِالفرَاقِ مَجَانَةً ... وَتَجُرُّ ذَيْلَي شِرَّةٍ وَعُرامِ

لَيْسَ القِبَابُ على الرَكاب وإنما ... هُنَّ الحَياةُ تَرحَّلَتْ بِسَلامِ

الكعاب: الجارية التي ينبت ثديها في صدرها. والعتاب: المؤاخذة على الزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>