الثقلان: الإنس والجن، والجد: البخت، والنجاد: حمائل السيف، والحدثان: ما يقع من الحوادث في الدهر.
فيقول لكافور: فما لك تختار القسي وتعدها، وتستجدها وتستظهرها، وسعادتك تصريف الثقلين في نصرك، وجميعهم يرمي على حسب رغبتك، فمن عصاك فالله يكفه لوجهه، ومن أطاعك فالله يتكفل بإنجاح سعيه.
ثم قال: وما لك تعنى بالقنا وأسنتها، وتتأهب للمطاعنة ومؤونتها، وجدك يطعن أعداءك بغير سنان تستعمله، ويصرعهم بغير قتال تتمونه.
ثم قال: ولم تحمل السيف مستظهرا بحمله، وتعده متأهبا ليله، وأنت غني بما يصنعه الله لك، ويقربه من السعادة بك، فالحدثان لا يمهل من عند عن طاعتك، وصروف الدهر لا تغفل عمن تعرض لمخالفتك.
أَرِدْ لي جَمِيْلاً: جُدْتَ أو لَمْ تَجُدْ بهِ ... فَإِنَّكَ ما أَحْبَبْتَ فِيَّ أَتَانِي
فيقول لكافور: أرد لي الجميل وإن لم تجد ببذله، واعتقده في وإن لم تبدر إلى فعله، فسعادتك تنفذ إرادتك وأنت غير متعرض لها، والله ينجح مطالبك وإن تكثر العناية بها.
ثم قال: لو الفلك الدوار، مع عظيم شأنه، وارتفاع مكانه، لم يشتمل على ما قضى الله به من إنجاح مطالبك، وتقريب مآربك، لعوق ذلك القضاء جريه، ولأنفذ الله لك إرادته وعلمه. وهذا الكذب من الشعراء، ومثله قد فهم أهل اللغة القصد فيه، وعلم المراد به، وذلك أن الشاعر إذا أراد أن يوجب بصفة بلوغ غاية ما يمكن، نسب إليه في تلك الجهة ما لا يمكن، فعلم السامع عند ذلك أن الشاعر لم يقصد إلى إحالة لفظه، والإزراء على نفسه، ولكنه قصد إلى استيفاء الغاية، وبلوغ أبعد