الحصان: الذكر من الخيل، وثنى: بمعنى قبض، والبنان: أصابع اليد.
فيقول: وهو يخاطب كافورا، ويشير إلى شبيب: أتمسك يد عاقل كالذي كانت يد شبيب تمسكه، وملكتها إياه بعطاياك وإحسانك، ثم تمسك في كفران ذلك بعنان تصرفه في معصيتك، وتستعمله في مخالفة طاعتك؟ ويركب من الكرامة كالذي أركبته، ويصير منها إلى ما ملكته وخولته، ثم يركب بعد ذلك حصانا يستقل به في عصيانك، ويوديه إلى جحود إحسانك!
ثم قال مخبرا عن شبيب: ثنى يده إحسانك، فلم تجبه إلى قبض عنانه، وتصريف حصانه، حتى كأنها عند قبضت ولا بنان لها، وحاولت مساعدته والخير قد أحاط بها، وهكذا النعمة تحكم لصاحبها، وتسرع بالنقمة إلى جاحدها.
يقول: وعند من يوجد في زماننا الوفاء؟ ومن يظن به شكر النعمة؟ ومن يقضى بذلك له؟ وشبيب في هذه الحال، وأرفع من ينسبها إليه، ويقدرها عليه، نظيران متساويان، وأخوان متشابهان، وإذا عدم الوفاء في مثل شبيب فهو معدوم في أبناء سائر الدهر، ومن ينتسب إلى الكرم والفضل.
ثم قال: قضى الله يا كافور أنك أول في أهل الفضل، بل مقدم في المنسوبين إلى المكارم، منفرد بجميل الصنع، وأوحد في جلالة القدر، وليس الله بقاض أن يرى لك ملك ثان يعدلك، ويتلوك في سعادتك ويشبهك.