المنى: جمع منية، وهي ما يتمناه الإنسان، والقرون: ما أشرف من جوانب الرأس، الواحد: قرن، والشباب: حداثة السن، والبيض: حسان النساء، والفودان: ناحيتا الرأس، والفتنة: زيادة في المحبة تغلب على الرأي، والعاب: لغة في العيب.
فيقول: أمان تقدمت فيما أسلفته من العمر، وقطعته أيام الشبيبة من الدهر، حملتها أن يكون البياض خضابا فاستعمله، واكتسابا فأتعرض له؛ لأخفي بذلك من شبابي ما كان يروق ويعجب، وأغير منه ما كان يروع ويفتن.
ثم قال: ليالي كانت فوادي عند حسان النساء، بسواد شعرهما وحسن منظرهما، فتنة يستمال بها ودهن، ووسيلة يرتهن بها حبهن، وفخرا يتنافس فيه، ويحرص جميعهن عليه، وذلك الفخر عندي عيب أتحرج منه، ونقصان أرغب بنفسي عنه. يشير إلى أنه تخلق بأخلاق الكهول في صغره، ولم يؤثر التصابي في شيء من مدة عمره.
ثم قال مشيرا إلى سروره بشيبه، واغتباطه في ذلك بحالة: فكيف أذم الآن من الشيء ما لم أزل أوثره وأرضاه، وأرغبه وأتمناه؟! وكيف أشكو منه عند الإجابة، ما لم أزل داعيا فيه، وأكره ما كنت مظهرا لأشد الحرص عليه؟!