للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول، وهو يريد سيف الدولة: قاد عتاق الخيل، وأشار بها إلى مواضع فرسانها من البأس؛ لأن استجادة الفرسان لها بحسب ملازمتهم للحروب بها.

فيقول: إنه قادها إلى الطعن، واقتحم بها غمرات الحرب، ولم يقدها من ذلك إلا عاداتها السالفة، وأفعالها الفارطة، ولا أراها من تلك الملاحم إلا فيما حولها بطول الاعتياد، كالأوطان التي تلزمها، والمساكن التي تألفها.

ثم قال واصفا لكرم تلك الخيل: كل ابن سابقة معرق في العتق، جار على وراثة من الكرم، يغير بحسن خلقته، وجمال صورته، على الأحزان في قلب صاحبه، فيكشفها عنه، ويطردها منه، ويبعث له السرور بنفسه، وشدة الإعجاب بحسنه.

ثم أكد ما قدمه، فقال: إن خليت تلك الخيل مهملة، وأطلقت مرسلة، ربطتها آداب الحرب، وملكها اعتياد التصرف (. . . . . . . . . . . .) فهي تنقاد إذا دعيت دون أرسان، وتفعل ما يرغب منها دون فرسان.

في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيُونَ غُبارُهُ ... فَكَأَنَّما يُبْصِرْنَ بالآذَانِ

يَرْمِي بِهَا البَلَدَ البَعِيْدَ مُظَفَّرٌ ... كُلُّ البَعِيْدِ لَهُ قَرِيْبٌ دَانٍ

فَكَأَنَّ أَرْجُلَها بِتُرْبَةِ مَنْبِجٍ ... يَطْرَحْنَ أَيْدِيَها بِحِصْنِ الرَّانِ

(. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .) يقرب له البعيد إقبال جده، ويدنيه منه تمكن سعده، ثم أكد ذلك فقال: فكأن أرجل خيله بتربة منبج، وأرضه تطرح أيديها بحصن الران الذي أمه بقصده، واعتمده بجيشه، يشير إلى سرعة لحاقه لما قصد نحوه، وهذه (. . . . . . . .) فيمن أراد غزوه، وأن العوائق لم تعترضه دون بغيته، ولا أقدم الروم على مدافعته دون رغبته.

حَتى غَبَرْنَ بأَرْسَنَاسَ سَوَابِحا ... يَنْشُرْنَ فِيْهِ عَمَائِمَ الفُرْسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>