فيقول مشيرا إلى كافور: أنوك من العبد ومن عرسه الذي هو قيم أمرها، والمطلق على ملكها، من حكم العبد في نفسه، وهو يجد السبيل إلى مفارقة أرضه، والتباعد عن قربه.
ثم قال: وإنما نظهر التسليم لأمره، والوقوف عند رأيه، مغالطين غير محققين، ومظاهرين غير مجدين، لنخدعه عن نفسه، ونبين الإفساد في معرفته وحسه.
ثم قال: وليست حال من توهمه أنك منتظر لفضله، ومرتقب لما أسلف عندك من وعده، كحال من يعتقد أن بقاءك فيما قبله بقاء ضرورة وحبس، وغلبة وقهر، فنحن مضطرون إلى مغالطته في بقائنا عنده، لنستدفع بذلك مخوف فعله، ونأمن ما نحذره من أمره.
العَبدُ لا تَفضُلُ أَخلاَقُه ... عَنْ فَرَجِهِ المُنتِنِ أو ضِرسِهِ
لا يُنجزُ المِيعادَ في يَومِهِ ... ولا يَعِي ما قَالَ في أمسِهِ
وإِنَّما تَحتالُ في جَذبِهِ ... كأَنَّكَ المَلاَّحُ في قَلسِهِ
الملاح: النوتي، والقلس: حبل ضخم من حبال السفينة.
فيقول: العبد بطبعه قصير الهمة، لئيم البنية، ليس في أخلاقه فضل عن فرجه وفمه، يشير إلى النكاح والأكل، واشتغال العبد بهما، وأن همته لا تتجاوزهما.
ثم قال، وهو يؤكد ما قدمه: أن وعد العبد بوعد تناساه في يومه، ولم يستقبح الكذب فيه على نفسه، وأن فاتحك بقول تناساه في ليلته، ولم يضبطه في الأمس بلؤم طبيعته.