للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال، وهو يشير إلى كافور: إنما تحتال في جذبه إلى ما ترغبه وعطفه على (ما) تقصده، باستعمال المخادعة، وإظهار الملاطفة، على نحو ما يتحيل الملاح في جذب قلس السفينة، وما يتحمله في ذلك من المؤونة.

فَلاَ تُرَجِّ الخَيرَ عِندَ امرئٍ ... مَرَّتْ يَدُ النَّخَّاسِ في رَأسِهِ

وإنْ عَرَاكَ الشَّكُّ في نَفسِهِ ... بِحالَةٍ فأنظُرْ إلى جِنسِهِ

يقول، وهو يخاطب نفسه، ويشير إلى كافور: فلا ترج الخير عند متن لئيم محتقر، قد مرت يد النخاس الذي عرض البيع به في ضرب رأسه، وامتهان نفسه، وإن نازعك في لؤم قدره، وتواضع أمره، بحال ينتقل إليها من الثروة، ورتبة يصير إليها من الرفعة، فأنظر إلى جنسه في العبودية، يتبين لك لؤم طبيعته، ولا يستتر عنك تمكن دناءته.

فَقَلَّما يَلؤمُ في ثَوبِهِ ... إلاَّ الذي يَلؤم في غِرسِهِ

مَنْ وَجَدَ المَذهَبَ عَنْ قَدرِهِ ... لم يَجِدِ المَذهِبَ عَنْ قِنسِهِ

الغرس: شيء يخرج من الولد كأنه مخاط، والقنس: الأصل.

فيقول على نحو ما قدمه: فقل من يتحقق منه اللؤم مشاهدة، ويتبين منه معاينة، إلا الذي يكون اللؤم في خلقته، ويلزمه في حين ولادته.

ثم قال على سبيل المثل، مؤكدا لما قدمه: من وجد مذهبا على قدره بنعمة يكتسبها، ومنزلة يستجدها، لم يجد مذهبا عن أصله، الذي إليه ينزع بطبعه، ويستبين عليه في قوله وفعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>