للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبب له إلى الرملة بمال يقبضه، فأستأذنه في الخروج إليها ليقبض المال، فمنعه من الخروج، وقال له: نحن نوجه لك من يقبضه فقال:

أتَحلِفُ لا تُكلِّفُني مَسِيراً إلى ... بَلَدٍ أُحَاوِلُ فِيهِ مَالا

وأَنتَ مُكلِّفِي أَنبَا مَكَانَاً وأَبعَدَ ... شُقَّةً وَأَشَدَّ حَالا

إذا سِرنَا عَنِ الفُسطَاطِ يَومَاً ... فَلِّقني الفَوَارِسَ والرِّجالا

لِتَعلَمَ قَدرَ مَنْ فَارَفتَ مِنِّي ... وَأَنَّكَ رُمتَ مِن ضَيمِي مُحالا

الشقة: المسافة، والفسطاط: قصبة مصر، والضيم: الذل.

فيقول، وهو يريد كافورا: أتحلف على أنك لا تكلفني مسيرا أتمونه، ولا تحملني سفرا أتجشمه، وأن كان ذلك المسير إلى مال أستفيده، ومكسب أستحدثه، مظهرا للصيانة لي، ومحتملا على الضنانة بي.

ثم قال: وأنت تكلفني المقام عندك في أنأى مكان من ذلك واكره، وأسوأ حال وأضيق، وتحملني في ذلك أبعد المسافات المنيعة، وتشملني بأشد الأحوال الموجعة.

ثم قال: إذا ما سرت عنك من الفسطاط يوما، أخرج به عن ضبطك، ويسقط عني ما أحاط بي من حصرك، فلقني فوارسك ورجلك وأجلب في تعويقي عن السير بمبلغ جهدك.

ثم قال: لتعلم قدر من تفارق مني في الإقدام والجرأة، والصرامة والقوة، وأنك قد حاولت من ضمي محالا لا يتمكن لمحاوله، وأمرا لا يقرب على متناوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>