للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عند وروده الكوفة، يصف خروجه ومنال طريقه، ويهجو كافورا.

ألا كُلُّ ماشِيَةِ الخَيزَلَى ... فِدَى كُلِّ ماشِيَةِ الهَيدَبَى

وَكُلِّ نَجَاةٍ بُجَاوِيَّةٍ ... خَنُوفٍ وما بِيَ حُسنُ المِشَى

وَلكِنَّهُنَّ حِبَالُ الحَيَاةِ ... وَكَيدُ العُدَاةِ وَمَيطُ الأذَى

الخيزلى: ضرب من مشي النساء فيه تفكك، والهيدبى: ضرب سريع من عدو الخيل، والنجاة من النوق: السريعة، والبجاوية: منسوبة إلى موضع من بلاد النوبة، يستفره أهله الإبل، قال الطرماح يصف ناقة كريمة:

بُجَاوِيَّةٌ لَمْ تَستَدِرْ حَولَ مَشبَر ... وَلَم تَتَخَوَّنْ دَرَّها ضَبُّ آفِنِ

المشبر: الموضع الذي تضع فيه الناقة، وتخون الدر: استماحته، والضب: الحلب بجميع اليد، والآفن: الذي يلح في الحلب.

والخنوف: التي بيديها (ميل) إلى ناحية في مشيها لشدة نشاطها، والمشى: جمع مشية، والجبال: العهود والوصائل، والميط: مصدر ماط الشيء يميط، إذا أذهبه عن نفسه.

فيقول مشيرا إلى خروجه عن مصر، وما خلفه من التغرير بنفسه، والإسراع في سيره: ألا جعل الله حسان النساء اللواتي يمشين الخيزالي؛ لعظم خلقهن، وبراعة حسنهن، مع تمكنهن من النفوس، وتحكمهن على القلوب، فداء الخيل التي تهذب في سيرها، وتفوت الطلب بقوة عدوها.

ثم قال: وجعلهن الله فداء كل ناقة نجاة قوية، بجاوية كريمة، خنوف في مشيها، نشيطة في عدوها، وما بي أن اعتمد من المشي ما يعجب مثله، ويروق الأبصار حسنه.

ثم قال: ولكن الإبل والخيل من الأسباب التي تحرس الحياة، وتقرب النجاة، وتنفذ من الأعداء، وتنفذ الكيد فيهم، وتدفع أذاهم، وتسهل الظهور عليهم.

ضَرَبتُ بها التِّيهَ ضَرْبَ القِمارِ ... إمَّا لِهذا وإِمَّا لِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>