للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا فَزِعَتْ قَدَّمَتها الجيادُ ... وَبِيضُ السُّيوفِ وَسَمرُ القَنا

فَمَرَّتْ بِنَخلٍ وفي رَكبها ... عَنِ العَالَمِينَ وَعَنهُ غَنَى

التيه: قفر لا يكاد يهتدي فيه، والقمار: المخاطرة في الميسر وما أشبهه، والفزع: الفرق، وقدمتها: بمعنى تقدمتها، يقال: قدم وأقدم وأستقدم بمعنى واحد، والجياد: الخيل، ونخل: منزل بالبادية.

فيقول: ضربت بما تحملت عليه من الإبل مجهول القفر، ضرب المقامر، وأقدمت عليه إقدام المخاطر، إما لخلاص أتعجله، وإما لهلاك أتقحمه.

ثم قال: إذا فزعت الإبل لاستيحاش القفر الذي تقطعه، وصعوبة الطريق الذي تركبه، أنستها الخيل بتقدمهم لها، وأنهضتها أسلحة الفرسان لإحاطتهم بها.

ثم قال: فمرت بنخل؛ هذا المنزل من البادية، وفي ركبها، بنفاذ عزمهم، واكتفائهم بأنفسهم، غنى عن العالمين وعن العدول إليه، وقوة تمنعهم من التعريج عليه.

وأَمسَتْ تُخبِّرُنا بالنِّقابِ ... وادِي المِياهِ وَوادِي القُرى

فَقُلْنا لَهَا أَينَ أَرضُ العِراقِ؟ ... فَقَالَتْ وَنَحنُ بِتُربَانَ: ها

وَهَبَّتْ بِحِسمَى هُبُوبَ الدَّبُورِ ... مُستَقبِلاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا

النقاب: موضع بعينه، ووادي (المياه) ووادي القرى: منزلان بالبادية بعيدان من النقاب، وتربان: واد معروف، بعيد من أرض العراق، وها: كلمة إجابة، وحسمى: موضع، وهبوب الرياح: انتشارها، والدبور: الريح الغربية، والصبا: الريح الشرقية.

فيقول مشيرا إلى سرعة مسيره، واستقرابه للبعيد من مسافات طريقه: ولما سرنا بالنقاب، كنا كالمشافهين لوادي المياه ووادي القرى؛ لسرعة ورودنا لها، وقصر المدة فيما حاولناه من الاتصال بها.

ثم قال مؤكدا لما قدمه، وهو يشير إلى رواحله، ويخبر عما كانت عليه من سرعة

<<  <  ج: ص:  >  >>