للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَافَسْتُ فِيهِ صُورَةً في سِترِهِ ... لَو كُنتُهَا لَخَفِيتُ حَتَّى يَظهَرَا

تعس الرجل: بمعنى عثر ولم ينعش، والمهاري: إبل كريمة تنسب إلى بني مهرة وهم حي من قضاعة، وكانوا يستفرهون الإبل، والمنافسة: الحسد والتغاير، والمصور: البارع الجمال، ولذلك سمي عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب صاحب شرطة سعيد بن عثمان بالمصور، وتقول العرب للرجل الجميل صير ومصور.

فيقول: أتعس الله المهاري فهي من أسباب الرحلة، وأبعدها فإنها من دواعي الفرقة، وحاشى من ذلك مهريا خصه؛ من احبه بنفسه، وأسعده الزمان بقربه، فأنا أجله عن الإتعاس له، وأتحرج من أن أتربص مكروها به.

ثم وصف حال ذلك المهري، فقال: غدا ممن أحبه بمصور قد تناهى حسنه، ومنعم معدوم مثله، يرفل في الوشي المنمنم، ويتستر بالديباج المصور، فليس يبعد ما يستره عما يلبسه في حسن الهيئة، وجلالة القيمة لمحل هذا المحبوب من الرفعة، ومكانه من الرفاهية والنعمة.

ثم قال: نافست في ذلك المحبوب صورة ممثلة في مثله، دانية متمكنة من قربه، غلبتني عليه، وانفردت دوني بالدنو إليه، ولو كنت تلك الصورة لأخفاني النحول دون ما توليته من ستره، وأظهرني ما حجب ذلك المثال من حسنه، وأشار بما ذكره إلى أنه متمكن السقم، وفي غاية من نحول الجسم.

لا تَتْرَبِ الأَيدِي المُقِيمَةُ حَولَهُ ... كِسرَى مُقامَ الحاجِبَينِ وَقَيصَرَا

يَقِيانِ في أَحَدِ الهَوَادجِ مُقلَةً ... رَحَلَتْ وَكَانَ لَهَا فُؤادِي مَحجِرا

قَد كُنتُ أَحذَرُ بَينَهُمْ مِنْ قَبلِهِ ... لَو كَانَ يَنفَعُ حائِناً أَنْ يَحذَرا

تربت اليد: إذا خسرت وأفتقر صاحبها، وكسرى: الاسم الذي يخص به ملك الفرس، وقيصر: الاسم الذي يخص به ملك الروم، والهوداج: مراكب النساء، واحدها هودج، ومقلة العين: معروفة، والمحجر: العظم الذي يحيط بأسفل العين،

<<  <  ج: ص:  >  >>