فيقول: لا تترب الأيدي الصانعة لستور هودج من أحبه، المحكمة لآلات مركبه، الممثلة في تلك السجوف المسبلة، وفي تلك الستور المرسلة، كسرى وقيصر قائمين مقام المتحققين به، نازلين منزلة الحاجبين له، وقليل ذلك فيما يستحقه؛ لجلالة قدره، ويستوجبه بتكامل حسنه، فكأن صناع تلك الستور صنعوها في حين حياكتها على قصد، ومثلوا فيها كسرى وقيصر ليقيموها له مقام الحاجبين على عمد.
ثم قال، وهو يريد صورتي كسرى وقيصر: يقيان في ذلك الخدر ممن أهيم بحبه، وأعلل فؤادي بذكره، من أحله محل مقلة العين التي يستضاء بنورها، ويستنفذ غاية الجهد في صونها، فتولت راحلة، وبانت عن ما كان يستضيء بها ظاعنة، وأبقت لفؤادي لمثالها، كالمحجر للمقلة، الذي هو على حفظها، موضوع للاعتناء بأمرها.
ثم قال: قد كنت أحذر البين من الأحبة قبل طروقه لي، وامتثله قبل نزوله بي، لو كان ينفع الحائن اشتداد مخافته وحذره، أو يغني عنه إفراط توقعه ووجله.