للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت لها: قد أعلمتني أن الهوى سكر يغلب على العقل، والممتحن به لا يصغي إلى الملامة والعذل.

لَو أَنَّ فَنَّاخُسرُو صَبَّحَكُمْ ... وَبَرَزْتِ وَحدَكِ عَاقَهُ الغَزَلُ

وَتَفَرَّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ ... إنَّ المِلاَحَ خَوادِعٌ قُتُلُ

الغزل: الكلف بأمور النساء، وشدة الحرص عليهن، والكتائب: مواكب الخيل المجتمعة، والوحدة كتيبة، والقتل: اللواتي يقتلن بحبهن، والواحدة: قتول.

فيقول لمحبوبته التي قدم وصفها: لو أن فناخسرو صبح بلادك بجموعه، وأعتمد ناحيتك بجيوشه، وبرزت وحدك، فأبديت له حسنك، ونظر إليك وقد سفرت عن وجهك، لعاقه غزل الحب عما استظهر به من الجموع للحرب.

ثم قال: ولتفرقت كتائبه عنكم، ويئست عما تحاوله منكم، فالملاح خوادع العقول، والكلف بهن من أسباب الذهول.

مَا كُنْتِ فَاعِلَةً وَضَيفُكُمُ ... مَلِكُ المُلُوكِ وَشَأنُكِ البَخَلُ

أَتَمنَعِينَ قِرىً فَتَفتَضِحِي ... أَمْ تَبذُلِينَ لَهُ الَّذي يَسَلُ؟

بَلْ لا يَحُلُّ حَلَّ بِهِ ... بُخلٌ ولا جَورٌ ولا وَجَلُ

ضيف القوم: الذي يأوي إليهم، والبخل: لغة في البخل، والقرى: ما يتكلف للضيف، والوجل: الخوف.

فيقول مخاطبا لمحبوبته: ما كنت فاعلة وضيفك ملك الملوك، وسيد السادة، وسبيل من حل به أن يظهر إجلاله وأعظامه، وأن يلتزم مبرته وإكرامه، وشأنك الإعراض والبخل، وخلقك التثاقل والكسل.

ثم قال: أكنت تمنعين من قراه، فتفضحي في فعلك، أم تسمحين بذلك فتخرجي عن المعهود من أمرك؟.

ثم قال: بل لا يحل بحيث حل من منازله، ولا يصير فيما يستقل به من مواضعه،

<<  <  ج: ص:  >  >>