ثالثها: أن الله تعالى عتب في قصة الغار والخروج معه - صلى الله عليه وسلم - على كل الأمة إلا على أبي بكر بقوله تعالى:{إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ولم يقل: إذ نام أحد مكانه.
رابعها: أن الله تعالى لم يصرح بذكر أحد من الآل والصحب بالمدح والصحبة في القرآن إلا بذكر أبي بكر رضي الله عنه بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ}
قالوا: قصة الغار تتضمن منقصة لأبي بكر حيث قال له: {لَا تَحْزَنْ}
قلنا: هذا تأويل من أعمى الله قلبه وأضله عن الهدى واتبع هواه. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل:"لا تخف" بل قال: {لا تحزن}. فالخوف على النفس، والحزن على الغير. وإذا تقرر ذلك فالحزن هاهنا من أكبر المدح لأبي بكر رضي الله عنه إذ لم يخف على نفسه، بل كان حزنه على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولو قال له أيضا "لا تخف" لم يكن على أبي بكر رضي الله عنه منقصة بذلك.