وقد قتل وكمل مراد الشيطان دون مراد الله تعالى. وحينئذ فيلزم إثبات الربوبية للشيطان دونه تعالى، لأنه على هذا التقدير الأقوى فيستحق الربوبية دون العاجز. فتعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا.
التاسع: لا خلاف أن الله تعالى خلق إبليس مريدا لخلقه غير مكره عليه وهو عالم بما يصدر منه. وإبليس من أكبر العصاة. فلا دليل أظهر منه على أن المعاصي واقعة بقدر الله تعالى وإرادته.
العاشر: أن الطاعة والمعصية تتعلق بموافقة الأمر ومخالفته لا بموافقة الإرادة ومخالفتها، كما قال الله تعالى:{أفعصيت أمري} ولم يقل: "أفعصيت إرادتي"، وقال تعالى:{لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} ولم يقل: "يعصون ما أراد منهم ويفعلون ما يراد منهم". فإذا خالف الإنسان الأمر ووافق الإرادة في المعصية استحق العذاب لمخالفة الأمر، ولا لوم على المعاقب لموافقة العاصي إرادته. فانتفى الظلم لما عرفت من معنى القرآن في الآيتين المذكورتين.
قالوا: كيف يؤمر بما لا يراد، وهو عبث.
قلنا: بحسب عقولكم الفاسدة، لأن مثل ذلك واقع من الله تعالى