وبقوله تعالى:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} أي مثل ما للذكران، يعني الدبر.
قلنا: لو عقلت الرافضة ما جعلت ذلك دليلا لهم وهو دليل عليهم.
أما الآية الأولى فإن الله تعالى جعل النساء حرثا على وجه الاستعارة وأمر بإتيان الحرث موضعا يراد الحرث، ولا يراد الحرث إلا في منبت الزرع، والزرع هاهنا الولد، ولا يحصل الولد إلا من القبل، فتعين. وإنما قدرنا مفعول {شئتم} بالحرث لأن قاعدة فعل المشيئة في علم المعاني أن يقدر مفعول بما ذكر معه، كقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أي لو شاء هدايتكم، وقوله تعالى:{وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} أي ولو شئنا هداية كل نفسه، وقوله تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} أي ولو شاء ربك إيمان من في الأرض. وأمثال ذلك في القرآن كثيرة. ولو ذهب الرافضي يقدر مفعول {أنى شئتم} غير المذكور معه أو لم يجعل له مفعولا ذهب إلى الخطإ في البلاغة، وعلى قول من يزعم أن {أنى} هاهنا بمعنى كيف، وأكثر ما جاءت {أنى} في القرآن هو بمعنى كيف. فلا دليل للرافضي في الآية.
وأما الآية الثانية: فإن الله تعالى وبخ الواطئ في الدبر من بني آدم وأخرج سائر الحيوانات التي لا تعقل من التوبيح وجعلها أهدى منه بقوله: