للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"ثم الأخبار، منها المتواتر: وهو ما رواه جماعة يحصل العلم بقولهم بعدم إمكان تواطئهم على الكذب عادة، ويشترط ذلك في كل طبقاتهم صحيحاً كان أو غير صحيح، وهو مقبول لوجوب العمل بالعلم، وهذا لا يكاد يعرفه المحدثون في الأحاديث لقلته .. وحديث الغدير متواتر عندنا" (١).

وأما الآحاد فقد قال شيخهم المفيد في ذلك في كتابه العقائدي المشهور تحت عنوان "القول في أخبار الآحاد":

"وأقول: إنه لا يجب العلم ولا العمل بشيء من أخبار الآحاد .. وهذا مذهب جمهور الشيعة وكثير من المعتزلة والمحكمة وطائفة من المرجئة وهو خلاف لما عليه متفقهة العامة (أي أهل السنة) وأصحاب الرأي" (٢).

ومثل ذلك ذكر العاملي عن الشريف المرتضى الملقب بعلم الهدى عند الشيعة وجماعة من كبار العلماء حيث قال:

والسيد المرتضى رحمه الله تعالى وجماعة من كبار علمائنا منعوا من العمل به محتجين بعدم الدليل الدال على وجوب العمل به. وإذا لم يقم دليل على وجوب العمل لم يعمل به، كما أنه لم يقم دليل على وجوب صلاة سادسة. قالوا: وما نقلتموه من أن الصحابة ومن بعدهم كانوا يعملون بأخبار الآحاد، فهي أيضاً أخبار آحاد لا تفيد علماً، والعمل بخبر الواحد مسألة أصولية ولا يجوز أن يكون مستندها ظناً، فكيف تعلمون أن الله تعبّدكم بالعمل بخبر الواحد؟ وبعد التسليم بصدق هذه الأحاديث؟ إنما علم لكم أن الصحابة عملوا عندها لا بها. فجاز أن يكونوا تذاكروا بها نصاً أو تأيد بها عندهم دليل آخر، فالتساوي حاصل الشك، والتوقف فرض من فقد الدليل القاطع" (٣).

وهذا مع أن رواة الشيعة الذين عليهم مدار نقل الأحاديث الشيعية رواة مختلفون في توثيقهم وتضعيفهم، فشخص واحد يوثق ويحكم بعدالته وهو نفسه يضعف ويحكم بفسقه بل كفره، لا من قبل المهرة والنقاد


(١) وصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص٩٢
(٢) أوائل لمقالات في العقائد والمختارات للمفيد ص١٣٩
(٣) رسول الأخيار إلى أصول الأخبار ص١٨٦

<<  <   >  >>