ولنبدأ قبل كل شيء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو رائد حضارتنا وواضع أساسها وشريعتها، وهو التعبير الصادق عن أخلاقها وأهدافها ورسالتها، ولسنا نعلم أحداً من الأنبياء والمرسلين والمصلحين عُذب واضطهد وأوذي في سبيل دعوته كما وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاثة عشر عاماً في مكة .. كلها كيد وأذى وسب وتعذيب له ولجماعته، ومؤامرات على حياته وحياة أصحابه. وعشر سنوات في المدينة .. هي كفاح ومعارك متواصلة، لم يخلع فيها لباس الحرب إلا حين خضعت له جزيرة العرب قبيل وفاته! ومن خاض الحروب وحمل السيف، وقاتل وقوتل، وعودي واضطهد، كان من أشد الناس شوقاً إلى الدماء وظمأ إلى الانتقام. فكيف كان خلق رسول الله في حروبه؟ كيف طبق صاحب الحضارة مبادئها التي أعلنها للناس؟ ..