حين وصل الصليبيون في الحملة الثانية إلى معرة النعمان حاصروها حتى اضطر أهلها للاستسلام، بعد أن أخذوا من رؤساء الحملة عهوداً مؤكدة بالمحافظة على النفوس والأموال والأعراض. فما كادوا يدخلونها حتى ارتكبوا من الفظائع ما تشيب له الولدان. وقدّر بعض المؤرخين الإفرنج الذين كانوا في هذه الحملة عدد الذين قتلوهم بين رجال ونساء وأطفال بمائة ألف! ثم تابعوا سيرهم إلى بيت المقدس، وشددوا الحصار على أهلها، ورأى أهلها أنهم مغلوبون لا محالة فطلبوا من قائد الحملة (طنكرد) الأمان على أنفسهم وأموالهم. فأعطاهم رايته يرفعونها على المسجد الأقصى ويلجأون إليه آمنين على كل شيء. ودخلوا المدينة بعد ذلك، فيا لهول المجزرة، ويا لقسوة الإجرام! .. لجأ سكان القدس إلى الأقصى الذي رفعوا فوقه راية الأمان، حتى إذا امتلأ بمن فيه من شيوخ وأطفال ونساء ذُبحوا ذبح النعاج، فسالت الدماء في المعبد حتى ارتفعت إلى ركبة الفارس. وطهرت المدينة بذبح كل من فيها تماماً، حتى كانت شوارعها تعج بالجماجم المحطمة والأذرع والأرجل المقطعة، والأجسام المشوهة. ويذكر مؤرخونا أن عدد الذين ذبحوا في داخل المسجد الأقصى فقط سبعين ألفاً! منهم جماعة كبيرة من الأئمة والعباد والزهاد فضلاً عن النساء والأطفال. ولا ينكر مؤرخو الفرنج