للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الفظائع، وكثير منهم يتحدثون عنها فخورين!

وبعد ٩٠ سنة من هذه المجزرة فتح صلاح الدين بيت المقدس فماذا فعل؟ لقد كان فيها ما يزيد على مائة ألف غربي بذل لهم الأمان على أنفسهم وأموالهم، وسمح لهم بالخروج لقاء مبلغ قليل يدفعه المقتدرون منهم، وأعطاهم مهلة للخروج أربعين يوماً، فجلى منها أربعة وثمانون ألفاً لحقوا بإخوانهم في عكا وغيرها، ثم أطلق كثيراً من الفقراء من غير الفدية. وأدى أخوه الملك العادل الفدية عن ألفي رجل منهم. وعامل النساء معاملة لا تصدر عن أرقى ملك منتصر في العصر الحديث. ولما أراد البطريرك الإفرنجي أن يخرج، سمح له بالخروج ومعه من أموال البِيَع والصخرة والأقصى والقيامة ما لا يعلمه إلا الله.

واقترح بعض حاشية صلاح الدين عليه أن يأخذ ذلك المال العظيم، فأجابه السلطان: (لا أغدر به) ولم يأخذ منه إلا ما كان يأخذه من كل فرد. ومما يزيد في روعة هذا العمل الإنساني الذي عمله صلاح الدين في فتح بيت المقدس، أنه أرسل مع جماهير الغربيين الذين نزحوا من القدس لينضموا إلى إخوانهم من يحميهم ويوصلهم إلى أماكن الصليبيين في صور وصيدا بأمان، مع أنه لا يزال في حرب معهم!

<<  <   >  >>