وقد كان إبراهيم بن سيار النظام يجيب بجواب، وأنا ذاكره إن شاء الله، وعليه كانت علماء المعتزلة. ولا أراه مقنعا ولا شافيا. وذلك أنه كان يجعل الخليل مثل الحبيب ومثل الولي، وكان يقول: خليل الرحمن مثل حبيبه ووليه وناصره. وكانت الخلة والولاية والمحبة سواء. قالوا: ولما كانت كلها عنده سواء جاز أن يسمي عبدا له ولدا، لمكان التربية التي ليست بحضانة ولمكان الرحمة التي لا تشتق من الرحم. لأن إنسانا لو رحم جرو كلب فرباه لم يجز أن يسميه ولدا ويسمي نفسه أبا، ولو التقط صبيا فرباه جاز أن يسميه ولدا ويسمي نفسه له أبا، لأنه شبيه ولده وقد يولد لمثله مثله، وليس بين الكلاب والبشر أرحام. فإذا كان شبه الإنسان أبعد من الله تعالى من شبه الجرو بالإنسان كان الله أحق بأن يجعله ولده وينسبه إلى نفسه.
قلنا لإبراهيم النظام عند جوابه هذا وقياسه الذي قاس عليه في المعارضة والموازنة بين قياسنا وقياسه: أرأيت كلبا ألف كلّابه وحامى وأحمى دونه، فأحياه بكسبه ولزمه على خلائقه واستأثره بالصيد دونه، هل يجوز أن يتخذه بذلك كله خليلا مع بعد التشابه والتناسب؟ فإذا قال: لا، قلنا: فالعبد الصالح أبعد شبها من الله من ذلك الكلب المحسن إلى كلّابه، فكيف جاز في قياسك أن يكون الله خليل من لا يشاكله لمكان إحسانه ولا يجوز للكلّاب أن