أرحام النساء على ما أجرى عليه تركيب العالم وطباع الدنيا، وخلق في رحم مريم روحا وجسدا على غير مجرى العادة وما عليه المناكحة، فلهذه الخاصة قيل له روح الله.
وقد يجوز أن يكون في نبي من الأنبياء خصلة شريفة ولا تكون تلك الخصلة بعينها في نبي أرفع درجة منه، ويكون في ذلك النبي خصال شريفة ليست في الآخر. وكذلك جميع الناس كالرجل يكون له أبوان فيحسن برهما وتعاهدهما والصبر عليهما، وهو أعرج لا يقدر على الجهاد وفقير لا يقدر على الإنفاق، ويكون آخر لا أب له ولا أم له وهو ذو مال كثير وخلق سوي وجلد ظاهر، فأطاع هذا بالجهاد والإنفاق وأطاع ذلك ببر والديه والصبر عليهما. والكلام إذا حرك تشعب وإذا ثبت أصله كثرت فنونه واتسعت طرقه. ولولا ملالة القارىء ومداراة المستمع لكان بسط القول في جميع ما يعرض أتم للدليل وأجمع للكتاب، ولكنا إنما ابتدأنا الكتاب لنقتصر به على كسر النصرانية فقط.
[فصل منه]
قلنا في جواب آخر: إن كان المسيح إنما صار ابن الله لأن الله خلقه من غير ذكر، فآدم وحواء إذ كانا من غير ذكر وأنثى أحق بذلك، إن كانت العلة في اتخاذه ولدا أنه خلقه من غير ذكر.