وأنهم زعموا أنهم لم يدينوا قط بأن مريم إله في سرهم، ولا ادعوا ذلك قط في علانيتهم. وأنهم زعموا أنا ادعينا عليهم ما لا يعرفون، كما ادعينا على اليهود ما لا يعرفون، حين نطق كتابنا، وشهد نبينا: أن اليهود قالوا: إن عزيرا ابن الله، وإن يد الله مغلولة، وإن الله فقير وهم أغنياء. وهذا ما لا يتكلم به إنسان، ولا يعرف في شيء من الأديان.
ولو كانوا يقولون في عزير ما نحلتمون وادعيتموه، لما جحدوه من دينهم، ولما أنكروا أن يكون من قولهم، ولما كانوا بإنكار بنوة عزير أحق منا بإنكار بنوة المسيح، ولما كان علينا منكم بأس بعد عقد الذمة، وأخذ الجزية.
وذكرتم أنهم قالوا: ومما يدل على غلطكم في الأخبار، وأخذكم العلم عن غير الثقات، أن كتابكم ينطق: أن فرعون قال لهامان: ابن لي صرحا. وهامان لم يكن إلا في زمن الفرس، وبعد زمن فرعون بدهر طويل، وإن ذلك معروف عند أصحاب الكتب، مشهور عند أهل العلم. وإنما اتخذ صرحا ليكون إذا علاه أشرف على الله. وفرعون لا يخلو من أن يكون جاحدا لله تعالى، أو مقرا به. فإن كان دينه