الإنجيل، ولا في ذكر صفات المسيح في الكتب والبشارات به على ألسنة الرسل.
ومثل هذا لا يجوز أن يجهله الولي والعدو، وغير الولي وغير العدو، ولا يضرب به مثل، ولا يروح به الناس، ثم يجمع النصارى على رده، مع حبهم لتقوية أمره. ولم يكونوا ليضادوكم فيما يرجع عليهم نفعه. وكيف لم يكذبوكم في إحيائه الموتى، ومشيه على الماء، وإبراء الأكمه والأبرص؟ بل لم يكونوا ليتفقوا على إظهار خلاف دينهم وإنكار أعظم حجة كانت لصاحبهم، ومثل هذا لا ينكتم ولا ينفك ممن يخالف وينم.
والكلام في المهد أعجب من كل عجب، وأغرب من كل غريب، وأبدع من كل بديع؛ لأن إحياء الموتى والمشي على الماء، وإقامة المقعد، وإبراء الأعمى، وإبراء الأكمه قد أتت به الأنبياء، وعرفه الرسل، ودار في أسماعهم. ولم يتكلم صبي قط، ولا مولود في المهد. وكيف ضاعت هذه الآية، وسقطت حجة هذه العلامة من بين كل علامة؟
وبعد، فكل أعجوبة يأتي بها الرجال، والمعروفون بالبيان، والمنسوبون إلى صواب الرأي، تكون الحيلة في الظن إليها أقرب، وخوف الخدعة عليها أغلب. والصبي المولود عاجز في الفطرة، ممتنع من كل حيلة، لا يحتاج فيه إلى نظر، ولا يشبهه من شاهده بدخل.