ولد سنة ثمان وثلاثين (٣٨). حدّث عن أبيه السبط الشهيد الحسين عليه السلام، وشهد معه كربلاء، لكنه كان موعوكا فلم يقاتل، ولم يتعرضوا له، بل أحضروه مع آله إلى دمشق، وكان له من العمر آنذاك ثلاثا وعشرين سنة. كان إذا أراد أن يتوضأ اصفرّ لونه، وإذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له في ذلك؟ فقال: تدرون بين يدي من أقوم، ومن أناجي؟! وكان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتّبع المساكين في الظّلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب. وكان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل. ولما مات وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل والمساكين. قلت: هكذا كان أهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أتقياء أصحاب ورع، يذهبون بأنفسهم في الظلام يتفقدون المساكين. أما من يسمّون اليوم ب «الأسياد» ويدّعون نسبتهم إلى أهل البيت، فيجلسون في أحسن القصور ويركبون أفخم السيارات، والناس تأتيهم بالأموال تدفعها لهم باسم «الخمس»! وباسم حق الرسول! فإنا لله وإنا إليه راجعون. توفي الإمام زين العابدين سنة أربع وتسعين (٩٤). ترجمته في: «طبقات ابن سعد» (٥/ ٢١١) و «سير أعلام النبلاء» (٤/ ٣٨٦) و «تذكرة الحفاظ» (١/ ٧٠) و «البداية والنهاية» (٩/ ١٠٣) و «النجوم الزاهرة» (١/ ٢٢٩) و «سير السلف الصالحين» (٣/ ٨٦٧). (٢) أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٧) وأبو داود (٢٠٤٢). وإسناده حسن؛ لأجل عبد الله بن نافع، ففي حفظه لين كما ذكر المصنف هنا.-