للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتثني بما يحضر، وتسلّم على أبي بكر وعمر وتدعو لهما، وأكثر من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلّم بالليل والنهار، ولا تدع أن تأتي مسجد قباء وقبور الشهداء.

قلت: وهذا الذي ذكره من استحباب الصلاة في الروضة قول طائفة، وهو المنقول عن الإمام أحمد في مناسك المروذي، وأما مالك فنقل عنه أنه يستحبّ التطوّع في موضع صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وقيل: لا يتعيّن لذلك موضع من المسجد، وأما الفرض فيصلّيه في الصف الأول مع الإمام بلا ريب.

والذي ثبت في الصحيح عن سلمة بن الأكوع عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنه كان يتحرّى الصلاة عند الأسطوانة «١».

وأما قصد تخصيصه بالصّلاة فيه فالصلاة أفضل، وأما مقامه فإنما كان يقوم فيه إذا كان إماما يصلّي بهم الفرض، والسنة أن يقف الإمام وسط المسجد أمام القوم، فلما زيد في المسجد صار موقف الإمام في الزيادة.

والمقصود؛ معرفة ما ورد عن السلف من الصلاة والسلام عليه عند دخول المسجد وعند القبر. ففي مسند أبي يعلى: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا زيد بن الحباب، أخبرنا جعفر بن إبراهيم؛ من ولد ذي الجناحين حدّثنا علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن الحسين، أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلّم فيدخل فيها، فنهاه، فقال: ألا أحدّثكم حديثا سمعته من أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تتخذوا بيتي عيدا ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم» «٢».

وهذا الحديث مما خرّجه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي


- قال الشيخ الألباني أيضا: «تنبيه: ومن أوهام العلماء أن النووي في «المجموع» عزا الحديث للشيخين بلفظ «قبري»، ولا أصل له عندهما، فاقتضى التنبيه» ..
(١) أخرجه البخاري (٥٠٢).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٢/ ٣٧٥) وأبو يعلى في «مسنده» (١/ ٣٦١ - ٣٦٢/ ٤٦٩) والبخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ١٨٦) والبزار (١/ ٣٣٩/ ٧٠٧) والخطيب البغدادي في «الموضح لأوهام الجمع والتفريق» (٢/ ٥٢ - ٥٣) والضياء في «المختارة» (١/ ١٥٤) وإسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم» رقم (٢٠).
من طريق: جعفر بن إبراهيم- من ولد ذي الجناحين- حدّثني علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن الحسين رضي الله عنهما به.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٤/ ٣): «رواه أبو يعلى؛ وفيه حفص-[كذا وصوابه: جعفر] بن إبراهيم الجعفري، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا، وبقية رجاله ثقات».
وقال الألباني في «تحذير الساجد» ص ٩٥: «وسنده مسلسل بأهل البيت رضي الله عنهم، إلا أن أحدهم- وهو علي بن عمر- مستور، كما قال الحافظ في «التقريب». وللحديث شواهد كثيرة يصحّ بها».
انظر «تحذير الساجد» للمحدّث الألباني.

<<  <   >  >>