فلكي نواجه الخطر الصهيوني لا يكفي أن نعقد اتفاقات سياسية بين الدول العربية، بل يجب قبل كل شيء تحسين مستوى المعيشة، وعلاج الحياة الاجتماعية، وإعادة تنظيم قواتنا المسلحة، وعندي أن أكبر همنا يجب أن ينصرف إلى الجهد الاجتماعي، فينبغي إصلاح حياة المجتمع وطبقاته، إذ ليس من الممكن أن نطلب من الشعب أن يضحي في سبيل نظام يضيق به، والشعب الجائع المريض الذي لا يأمن مستقبله لا يقدر، بل لا يقبل على النضال من أجل النظام الذي يحكمه، وما كان لرجل أن يتطلب من أبنائه الطاعة إذا لم يتح لهم عيشاً كريماً، فكيف نطلب من شعب طاعة ونظاماً وإيماناً بوطنيته، وكيف نقتضيه أن يقدم تضحياته عن رضاء وسخاء إذا لم نضمن له تحسين مستوى معيشته، وإذا لم نضمن له تعليماً مناسباً وعملاً لائقاً .. ؟
إن من الواجب أن نسرع في إصلاح ما ينبغي إصلاحه، فإن التطور السريع قد أصبح القانون الحتمي لعصرنا، ولست أريد بهذا أن أغض من أهمية الاتفاقات السياسية، أو الاتفاقات التي تستهدف الإعداد الحربي، ولكني أعتقد أن العيشة اللائقة هي الشرط الجوهري لتكوين الوعي الشعبي، والإيمان القومي، وبدون هذا الوعي وذلك الإيمان لا تساوي الاتفاقات السياسية أو العسكرية شروى نقير.
والجامعة العربية تقدم لنا على ذلك مثالاً واضحاً، فإن السبب الرئيسي لعدم اكتراث الشعوب العربية بها، يكمن في أن هذه الجامعة لم تهتم حتى الآن إلا بمشكلات السياسة العليا، بينما لا يثير اهتمام الرأي العام في بلادنا سوى منظمة تستهدف الارتفاع بحياة الفرد من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الرغم من الكارثة التي أصابتنا في فلسطين، فإني أعتقد أن الجامعة العربية تستطيع أن تسترد هيبتها، إذا ما اهتمت بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية، ورسمت خطة تستهدف تحسين مستوى المعيشة. فيجب أن نحرر شعوبنا من خوفها