الاقتصادي، وأن نؤمن لها حقها في التعليم، وأن نعنى بصحتها، وهذا هو الطريق الوحيد إلى النهضة الحقة، والوسيلة الوحيدة لتأمين وجودنا)).
هذه هي المقالة بحذافيرها، نذكرها هنا لنستخرج الوضع الجديد الذي صار إليه فكر الأوساط الموجهة في العالم الإسلامي، وما أراد الكاتب اتخاذه من تحفظات حول ما أطلق عليه لقب (السياسة العليا)، وهو ما نطلق عليه لفظة:(البوليتيكا).
بيد أن هذا الفكر الجديد ليس مقتصراً على منطقة الشرق الأوسط، فإن الوعي الإسلامي كله قد استيقظ منذ قضية فلسطين، وأبلغ شاهد على ذلك كلمات أحد الوطنيين المراكشيين التي قالها في مؤتمر (التجمع الديمقراطي لمناصرة البيان الجزائري) بتلمسان، وهي تدل على الاهتمام بتعمق المشكلات لإدراك أسبابها، قال:
((إن هنالك داء واحداً ينهش الشعوب العربية في كل مكان: في المغرب وفي الشرق الأوسط منذ قرون، ذلك الداء هو: فقدان الثقة بالنفس، وما طبع أخلاقنا من الوشاية والتشهير وعبادة التشريفات وتملق الرؤساء، وفي كلمة واحدة: هذا التردي المزمن الذي حمل الخلفاء والأباطرة والأمراء العرب على فرض نظام صارم على هذا الشعب، لا ينطوي على أدنى اهتمام بالتربية أو بالتقدم الاجتماعي، وكان هذا حتى قبل أن يفكر الاستعمار في استغلال هذه النقائص بوصفها سلاحاً فتاكاً في الشرق أو في الغرب)).
ففي هذا النقد الذي يحمل نوعاً ما الطابع الأدبي، نلاحظ الاهتمام بتقصي الداء الدفين داء (القابلية للاستعمار)، وفي هذه الكلمات نغمة لم نتعود سماعها في الأوساط السياسية والفكرية في العالم الإسلامي، تلك التي كانت حتى ذلك الحين لا تهتم إلا ((بالقشة التي في عين الجار)) فإذا بها تفكر فجأة في ((الخشبة التي في عينها)). فالسياسة الإسلامية التي كانت قائمة على الادعاء العقيم المستهجن تصدر