للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المدرسة الإصلاحية؛ تلك التي لم تعرف أو لم تستطع التغلب على نقائصها بطريقة منهجية. فهكذا ظلت مشكلة بقايا ما بعد الموحدين ساكنة برمتها في الضمير المسلم.

ومع ذلك، فإن الحركة في مجموعها تجتاز منعطفاً جديداً بعد قضاء زعمائها الكبار الذين حملوا رايتها أخيراً، كالشيخ رشيد رضا في الشرق، وبن باديس في إفريقية الشمالية.

فلقد رأينا في مصر أن فكرة الإصلاح تتغير، وتتحول في أعماقها إلى حركة جديدة، حين سعت إلى وضع أساس أخلاقي لحياة المسلمين، وسنتناول هذه الحركة بالبحث فيها بعد.

أما في إفريقية الشمالية فقد أفسحت المكان شيئاً فشيئاً لقيام مؤسسة عظيمة الأهمية، هي مؤسسة التعليم الحر، الذي يعالج النقص الهائل في التعليم العام علاجاً دائباً، وفي هذه السبيل ظلت الفكرة الإصلاحية متماسكة نوعاً ما، إذ كان بعض المدرسين الشباب مندفعين بغيرة على تراث السلف، وحماسة لبعثه ونشره وتسويده، على حين تناول آخرون الأمر على أنه وظيفة لكسب العيش.

ولقد كان لهذا التعليم فضل كبير في الهجوم على ذلك العيب المهلك في عالم ما بعد الموحدين، عيب (الأمية)؛ بيد أنه لما لم يكن هذا الإصلاح قائماً على نظرية في الثقافة، فقد أشاع حرفية مهذبة، يخيل إليه معها أنه قادر على تغيير أوضاع الحياة بتعليم الناس تذوق (أشياء) الحضارة الإسلامية، وبلاغة الأدب العربي.

ولقد نتج عن هذا أن الحركة الإصلاحية، لم تستطع تغيير النفس الإسلامية، بل لم تستطع أن تترجم إلى لغة الواقع فكرة (الوظيفة الاجتماعية) للدين، ولكنها- على أية حال- نجحت في إزالة الركود الذي ساد مجتمع ما بعد

<<  <   >  >>