رمز أبو عبيد لكتابه الذي بين أيدينا باسم الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن.
وبعد التتبع للموضوعات التي ضمنها أبو عبيد كتابه هذا تبين لي مدى ما كان عليه من الوفاء في أداء حق هذا العنوان الذي صدّر به الكتاب.
إذ تحدث في مقدمته عن معنى النسخ وأنواعه موثقا ما يذكره بالأدلة المتصلة بأسانيدها عن الصحابة والتابعين.
وأطال النفس في معالجة الآيات الناسخة والمنسوخة، أو المدعى عليها النسخ، وفى ثنايا ذلك تجده يناقش النصوص القرآنية التي يوردها مستنبطا منها ما تضمنته من الفرائض والسنن. معرجا أحيانا على النسخ في السنة بعد ذكره للنسخ في القرآن.
وإليك أمثلة يستوحى منها مجاوزة أبي عبيد لمجال الناسخ والمنسوخ في القرآن:
يقول في باب الصلاة: فهذا ما في الصلاة من القرآن فأما نسخها في السنة ....
ويقول في باب الحدود: فهذا ما نسخ من حدود القرآن، وأما ما نسخ من حدود السنة ....
ويصدر باب أهل الذمة بقوله: باب الحكم بين أهل الذمة وما فيه من النسخ في الكتاب والسنة.
كما تجده أحيانا أخر يتناول بعض القضايا البعيدة تمام البعد عن موضوع النسخ:
ففي باب الصيام ناقش حكم الإفطار للمسافر فاستعرض التخيير والاستحباب والكراهة وبسط الأدلة لذلك. وإن كانت هذه القضية بمعزل عن النسخ إلا أن الذي جرأ أبا عبيد على خوض غمارها ارتباطها بآيات الصيام في البقرة تلك الآيات المشتملة على ناسخ الصيام ومنسوخة.