للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الماوردي:" قد امتنع بعض المتحرجين أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده، ولو صحبها شواهد، ولم يعارض شواهدها نص صريح. وهذا عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن واستنباط الأحكام، كما قال تعالى:

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [سورة النساء: ٨٣] ... ولو صح ما ذهبوا إليه؛ لم يعلم شيء من الاستنباط، ولما فهم الكثير من كتاب الله".

وأما حجة الإسلام الغزالي .. فمن أهم ما استند إليه، هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس- رضي الله عنهما- بقوله:" اللهم فقهه في الدين، وعلّمه التأويل" .. وهذا هو الاجتهاد بالرأي بعينه. ثم عمل الصحابة. وقد صرح الإمام الغزالي برأيه هذا في كتابه" الإحياء" بقوله:" ولا ينبغي أن يفهم منه (أي من حديث" من فسر القرآن برأيه- أو بما لا يعلم- فليتبوأ مقعده من النار") أنه يجب ألا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر. فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والمفسرين خمسة معان وستة، وسبعة، ونعلم أن جميعها غير مسموع من النبي صلى الله عليه وسلم ..

فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم، وطول الفكر، ولهذا دعا صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه بقوله: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (١) " (٢).

[الرأي المذموم:]

قال الشاطبي:" وأما الرأي غير الجاري على موافقة العربية، أو غير الجاري على الأدلة الشرعية؛ فهذا هو الرأي المذموم من غير إشكال، كما كان مذموما في القياس أيضا؛ لأنه تقوّل على الله بغير برهان .. فيرجع إلى الكذب


(١) رواه البخاري بنحوه، حديث رقم ١٤٠.
(٢) إحياء علوم الدين، ١/ ٣٧.

<<  <   >  >>