للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[(٥) بيان القرآن لما تحته من أحكام]

لنبدأ أولا بعرض موجز لما قاله الشاطبي في خصائص القرآن الكريم.

" القرآن- كما تقرر- كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر ... وهذا كله لا يحتاج إلى تقرير واستدلال عليه؛ لأنه معلوم

من دين الأمة" (١).

ولا يتهيأ لمن أراد فهمه والوقوف على أسراره، واستخلاص أحكام الشريعة الجزئية، وقواعدها الكلية، ومقاصدها العامة، إلا بأن يجعله موضوع درسه ونظره، وأن يتدبر آياته، ويطيل النظر في معانيه، ويشد الرحال في اقتناص إشاراته وإدراك تلويحاته.

غير أنا إنما نريد هنا بالأحكام معنى خاصّا، وهو خصوص الأحكام الشرعية الجزئية. وقد اقتصر بعض علماء أصول الفقه على الحكم التكليفي في تعريف الحكم الشرعي، ولكنها طريقة ضعيفة عند الأصوليين، نصّ على ذلك العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي.

وعرفه ابن الحاجب فزاد الحكم الوضعي، وهو الصواب.

ولعل أمثل التعريف للحكم الشرعي أنه خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع.

" خطاب الله" يقصد به توجيه الخطاب، أي الكلام المخاطب به، وهو كلام الله تعالى النفسي القديم القائم بذاته تعالى. ومن ثمّ .. خرج به كل خطاب لغيره سبحانه.


(١) الموافقات، ٣/ ٣٤٦.

<<  <   >  >>