ومن معهود العرب في الخطاب- كما يذكر الشاطبي- أن للغة العربية دلالتين:
الأولى: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مطلقة، دالة على معان مطلقة ..
وهي الدلالة الأصلية، وهذه تشترك فيها جميع الألسنة، وإليها تنتهي مقاصد المتكلمين، ولا تختص بأمة دون أخرى، وهي التي يمكن ترجمتها إلى اللغات الأخرى، ومنها صح تفسير القرآن، وبيان معناه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه.
والثانية: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مقيدة، دالة على معان خادمة ..
وهي الدلالة التابعة للدلالة الأصلية. وهذه الدلالة يختص بها لسان العرب .. " فإن كل خبر يقتضي في هذه الجهة أمورا خادمة لذلك بحسب المخبر، والمخبر عنه، والمخبر به، ونفس الإخبار، في الحال والمساق، ونوع الأسلوب من الإيضاح والإخفاء، والإيجاز والإطناب، وبحسب الكناية عنه، والتصريح به، وبحسب ما يقصد في مساق الإخبار، وما يعطيه مقتضى الحال .. إلى غير ذلك من الأمور التي لا يمكن حصرها. فمثل هذه التصرفات التي يختلف معنى الكلام الواحد بحسبها ليست هي المقصود الأصلي، ولكنها من مكملاته ومتمماته، وبطول الباع في هذا النوع يحسن مساق الكلام إذا لم يكن فيه منكر".
" ومن هذه الجهة في الدلالة لا يمكن ترجمة كلام من الكلام العربي بكلام العجم على حال .. فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربي.