للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله إلا الراسخون في العلم. ولا ريب أن ذلك- مما اختلفوا فيه- قليل لا كثير (١).

[٤ - لا يدخل التشابه قواعد الشرع الكلية:]

لا يدخل التشابه بالمعنى الذي قررناه في قواعد الشرع الكلية التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية، كربوبيته تعالى، وتنزهه عن النقائص، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم فيما بلغه إلى خلقه، وحقية ما أخبر به من اليوم الآخر، وكون هذه الشريعة الإسلامية الغراء حقّا من عند الله تعالى.

هذه الأصول الكلية وما إليها لا إجمال فيها ولا خفاء، كما هي خصيصة المتشابه. وفي بيان ذلك يقول الشاطبي:" التشابه لا يقع في القواعد الكلية، وإنما يقع في الفروع الجزئية. والدليل على ذلك من وجهين:

أحدهما: الاستقراء أن الأمر كذلك.

والثاني: أن الأصول لو دخلها التشابه؛ لكان أكثر الشريعة من المتشابه.

وهذا باطل. وبيان ذلك: أن الفرع مبني على أصله .. يصح بصحته، ويفسد بفساده، ويتضح بإيضاحه، ويخفى بخفائه. وعلى الجملة .. فكل وصف في الأصل مثبت في الفرع؛ إذ كل فرع فيه ما في الأصل. وذلك يقتضي أن الفروع المبنية على الأصول المتشابهة متشابهة. ومعلوم أن الأصول منوط- مرتبط- بعضها ببعض في التفريع عليها، فلو وقع في أصل من الأصول اشتباه؛ لزم سريانه في جميعها، فلا يكون المحكم أمّ الكتاب. لكن ثبت أنه كذلك؛ فدل على أن المتشابه لا


(١) الموافقات، ٣/ ٨٧ وما بعدها، ورسالة المحكم والمتشابه، ص ٨٤، ٨٥.

<<  <   >  >>