[الفرق بين التأويل الباطني الفاسد والتفسير الإشاري:]
التفسير الإشاري هو تأويل القرآن بغير ظاهره؛ لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والفيض ويمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد. وهذا هو عين مراد الشاطبي من" التفسير الباطني الصحيح" الذي سبق ذكره.
غير أن بعض الناس قد يخلط لدى النظرة العجلى بين التأويل الباطني الفاسد وبين ما اصطلح على تسميته بالتفسير الإشاري، مع ما بينهما من فرق نبّه عليه المحققون من أهل الفقه في كتاب الله.
يقول الشيخ الجليل محمد الخضر حسين:" إن" أصحاب الإشارات" غير من يسمونهم" الباطنية". فالباطنية يصرفون الآية عن معناها المنقول أو المعقول إلى ما يوافق بغيتهم، بدعوى أن هذا هو مراد الله دون ما سواه. وأما أصحاب الإشارات؛ فإنهم كما قال أبو بكر بن العربي في كتابه" العواصم والقواصم" جاءوا بألفاظ الشريعة من بابها، وأقروها على نصابها .. لكنهم زعموا أن وراءها معاني غامضة خفية وقعت الإشارة إليها من ظواهر هذه الألفاظ، فعبروا إليها بالفكر، واعتبروا منها في سبيل الذكر.
فأصحاب الإشارات لا ينفون- كما ينفي الباطنية وأذنابهم- المعنى الذي يدل عليه اللفظ العربي من نحو الأحكام، والقصص، والمعجزات .. وإنما يقولون:
إنهم يستفيدون من وراء تلك المعاني، وعلى طريق الاعتبار، معاني فيها موعظة وذكرى.
وعلى ما بين مذهبهم ومذهب الباطنية من فرق واضح ترى في أهل العلم من نازعهم في إلصاق تلك المعاني بألفاظ القرآن، وقال: إن ما جاء في صريح القرآن والسنة من مواعظ وحكم يغني عن ارتكاب هذه الطرق البعيدة، التي هي