للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتفويضهم إلى الله تعالى، وتأويل الخلف تفصيلي؛ لاضطرارهم إليه لكثرة المبتدعين" (١).

[٦ - شروط التأويل (صحة المعنى .. وقبول اللفظ):]

من المعلوم لدى الأصوليين واللغويين كذلك أن ما يخضع لاحتمال التأويل من حيث المبدأ هو" الظاهر". أي أن" النص" لا يخضع لاحتماله، وهذا هو معنى كونه نصّا.

ثم إن علماء الأصول أطبقوا على أنه لا يعدل عن الظاهر من اللفظ إلى التأويل إلا حيث يستحيل ذلك الظاهر. ومن ثمّ .. فإن المعنى الظاهر يجب صرفه في الأصل إلى ظاهره دون أي تأويل، إلّا أن يتوافر شرطان اثنان- ذكرهما الشاطبي- فيسوغ التأويل عندئذ.

وأول هذين الشرطين: أن يكون وضع اللفظ قابلا له لغة بوجه من وجوه الدلالة- حقيقة أو مجازا أو كناية- جاريا في ذلك على سنن العربية.

أي بأن يكون بين اللفظ والمعنى الذي يراد تأويله به ارتباط من الوضع اللغوي، أو عرف الاستعمال، أو عادة صاحب الشرع.

وثاني هذين الشرطين: صحة المعنى في الاعتبار، بأن يكون متفقا مع الواقع المعترف به إجمالا عمن يعتد بهم.

فالشرطان:" اللفظ قابل، والمعنى المقصود من التركيب لا يأباه" (٢). فتأويل من تأول لفظ" الخليل" في قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [سورة النساء: ١٢٥] بالفقير، فإن ذلك يجعل المعنى القرآني غير صحيح؛ لأن إبراهيم الذي يقدّم العجل


(١) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ١/ ١٣٤، ورسالة المحكم والمتشابه.
(٢) الموافقات، ٣/ ١٠٠.

<<  <   >  >>