السمين المشوي لضيوفه من عند أهله لا يصح أن يعدّ فقيرا. فهذا غير صحيح في الاعتبار، لم يجر على مقتضى العلم.
قال ابن قتيبة: أيّ فضيلة لإبراهيم في هذا القول؟ أما يعلمون أن الناس فقراء إلى الله؟! وهل إبراهيم في لفظ خليل الله إلا كما قيل" موسى كليم الله" و" عيسى روح الله"؟!
وكذلك تأويل من تأول" غوى" من قوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى [سورة طه: ١٢١] أنه من" غوى"- بالكسر- الفصيل؛ لعدم صحة" غوى" بمعنى" غوي". فهذا لا يصح فيه التأويل من جهة اللفظ، والأول لا يصح فيه من جهة المعنى (١).
[٧ - حكمة ورود المتشابه:]
بيّنا سابقا أن المحكم ما كانت دلالته راجحة، وهو النص والظاهر. والمتشابه ما كانت دلالته غير راجحة، وهو المجمل والمؤوّل.
والسؤال الذي يقذف إلى الذهن الآن: ما حكمة ورود المتشابه بهذا المعنى في القرآن الكريم؟
ونجتزئ في الجواب عن هذا السؤال بما قاله الزمخشري في" كشافه":" فإن قلت: فهل كان القرآن كله محكما؟ قلت: لو كان كله محكما؛ لتعلق الناس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عما يحتاجون فيه إلى الفحص والتأمل من النظر والاستدلال. ولو فعلوا ذلك؛ لعطلوا الطريق الذي لا يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده إلا به، لما في المتشابه من الابتلاء والتمييز بين الثابت على الحق