للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن تأملت متعمقا؛ فهي غير محصورة. والمنسوخ باصطلاح المتأخرين عدد قليل، لا سيما بحسب ما اخترناه من التوجيه" (١).

[النسخ لا يكون في الكليات وقوعا:]

يقرر الشاطبي أن الذي نزل بمكة على النبي صلى الله عليه وسلم من أحكام الشريعة هو ما كان من الأحكام الكلية- على غالب الأمر- ثم تبعها أشياء بالمدينة، كملت بها تلك القواعد التي وضع أصلها بمكة.

ثم يقرر أيضا- بناء على هذا- أن المنسوخ في مكة قليل أو نادر، وعلل لذلك بأن النسخ لا يكون في الكليات وقوعا، وإن أمكن عقلا (٢).

وأما إن الكليات لا نسخ فيها؛ فدليله الاستقراء التام، وأن الشريعة مبنية على حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينات .. وجميع ذلك لم ينسخ منه شيء.

قال:" القواعد الكلية، من الضروريات والحاجيات والتحسينات، لم يقع فيها نسخ. وإنما وقع النسخ في أمور جزئية بدليل الاستقراء. فإن كل ما يعود بالحفظ على الأمور الخمسة ثابت، وإن فرض نسخ بعض جزئياته؛ فذلك لا يكون إلا بوجه آخر من الحفظ، وإن فرض النسخ في بعضها إلى غير بدل؛ فأصل الحفظ باق؛ إذ لا يلزم من رفع بعض أنواع الجنس رفع الجنس. بل زعم الأصوليون أن الضروريات مراعاة في كل ملة، وأن اختلاف أوجه الحفظ بحسب كل ملة. وهكذا يقتضي الأمر في الحاجيات والتحسينات، وقد قال تعالى:


(١) الفوز الكبير في أصول التفسير، ص ٥٣.
(٢) الموافقات، ٣/ ١٠٤.

<<  <   >  >>