للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [سورة الشورى: ١٣]، وقال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [سورة الأحقاف: ٣٥]، وقال بعد ذكر كثير من الأنبياء- عليهم السلام-: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [سورة الأنعام: ٩٠] " ..

ثم أخذ الشاطبي يسوق بعض الأدلة على ما ذكر، ثم قال:" .. إلى سائر ما في ذلك من معاني الضروريات. وكذلك الحاجيات .. فإنا نعلم أنهم لم يكلّفوا بما لا يطاق. هذا .. وإن كانوا قد كلّفوا بأمور شاقة؛ فذاك لا يرفع أصل اعتبار الحاجيات. ومثل ذلك التحسينات" ..

ثم أورد اعتراضا وأجاب عنه .. قال:" وأما قوله: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [سورة المائدة: ٤٧]؛ فإنه يصدق على الفروع الجزئية، وبه تجتمع معاني الآيات والأخبار. فإذا كانت الشرائع قد اتفقت في الأصول- مع وقوع النسخ فيها- وثبتت ولم تنسخ؛ فهي في الملة الواحدة الجامعة لمحاسن الملل أولى" (١).

وصفوة القول أنه ليس كل حكم شرعي بقابل للنسخ. فإن من شروط الحكم المنسوخ أن يكون جزئيّا لا كليّا، وأن يكون عمليّا لا عقديّا. فمن الخطأ أن يزعم زاعم أن حكما من الأحكام الكلية في الشريعة منسوخ. ومثله أصول العقيدة، ومكارم الأخلاق.


(١) الموافقات، ٣/ ١١٧، ١١٨.

<<  <   >  >>