دون الفهم، ويوقع في الإشكال؟! فكيف تزعم- بعد ذلك- أن المتشابه في القرآن قليل؟!
وأجيب: بأن معظم ما قيل مما أشير إليه من الاختلاف لا يدل على الالتباس المفضي إلى التشابه في الواقع ونفس الأمر؛ وذلك لأن كثيرا من هذه الاختلافات يرجع إلى إيراد طائفة من الأوجه هي كثير بحسب الصناعة، واحد بحسب لبّ المعنى .. ولا ريب أنه ليس في مثل ذلك تشابه ولا التباس.
ومنها ما يرجع إلى التقصير في إجراء القرآن على أحسن ما يقضي به اللسان العربي المبين، من الذهاب في تأويل الكلمة أو الجملة إلى وجه شاذ أو ضعيف في منطق العرب الخلّص، أو عدم مراعاة مقامات الخطاب بالآيات، أو عدم العناية بتناسق التراكيب، وأخذ بعضها بحجزة بعض.
ومنها ما يرجع إلى تقصير المرء في تطلب ما يدفع إشكاله، من نحو تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو بيان مجمل .. وغير ذلك. ولو عني بتطلب ذلك؛ لتيسر له الظفر به من الكتاب أو السنة، أو دليل الحس أو العقل.
ومنها ما يرجع إلى قصر القرآن في التأويل على قوانين علوم ومذاهب مستحدثة ما أنزل عليها، ولا كان نزوله من أجلها.
وكل هذه الأنواع من الاختلاف ليست من المتشابه في واقع الأمر، فإنه لو زايل التقصير أولئك، والتّنطّع هؤلاء؛ ما اختلفوا فيه، ولا التبس عليهم .. فالتشابه في عقولهم وأفهامهم، لا في القرآن المجيد!
وقد سمّى الشاطبي هذا النوع من التشابه ب" التشابه الإضافي".
وإنما المتشابه بحق مما اختلفوا فيه: ما كان معناه في غاية الالتباس والغموض بحيث يشكل، ولا يقدر على درك تأويله وإدحاض شبهة الزائغين فيه من خلق