وهكذا يضع النبي - صلى الله عليه وسلم - ميزاناً فريداً للخيرية، لا يقوم على كثرة الصيام ولا طول القيام، إنما يستمد قيَمَه من الإحسان إلى الزوجةِ خصوصاً، والأبناءِ والأهلِ عموماً.
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته يأنف من شيء مما يأنف منه بعض الأزواج، ويرونه قادحاً بالرجولة وغير متناسب مع مَقامِها، فيتركون خدمة أنفسهم في البيت، ويأنفون من مساعدة زوجاتهم في أعباء المنزل، فلا تراه إلا صارخاً يطلب الماء تارة، والطعام تارة، وبقية حاجاته الشخصية في تارات أخرى، وكأنه يقيم في فندق من فنادق النجوم الخمسة، ومن يشاركه البيت هم خدمه الخاص، ولهؤلاء نذكر ما تقوله أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في وصفه - صلى الله عليه وسلم -، فقد سئلت: ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ فقالت:(كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمةَ أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وفي رواية:(كان بشراً من البشر، يَفْلي ثوبه، ويحلب شاتَه، ويخدم نفسه)(١).
(١) أخرجه البخاري ح (٦٧٦)، والرواية الثانية رواها الترمذي في الشمائل المحمدية ح (٣٣٧).