كلٌ منا يخطئ في حق الآخرين، فلربما أخذ شيئاً من أموالهم بغير حق، ولربما استطال عليهم بالضرب أو السخرية أو الهمز واللمز، وكل ذلك مسجل علينا في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولسوف نوفى قصاصَه يومَ القيامة بين يدي الله الحكمِ العدلِ.
والعاقل الحصيف هو من يتخلص من هذه الذنوب والمظالم في الدنيا باسترضاء أصحابها وطلب صفحهم ومسامحتهم، أو بتمكين المظلومين من القود منه والأخذِ بقدر مظلمتهم، فهذا خير له من أن يأتي يوم القيامة مع المفلسين «المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار»(١) فهذا مصير البطالين الذين ما عرفوا قدر الله ولا خافوا جزاءه.