كلنا يلقى الخير من والديه وزوجه وأساتذته وبعض جيرانه وأحبابه، ثم تدور الأيام، فينسى المرء حق هؤلاء أو بعضهم عليه، ولربما لقي في الشارع أستاذه فأعرض عن السلام عليه، ولربما نسي الواحد فضل زوجه عليه وتعبها في تربية أبنائه ورعاية بيته، فطلقها بعد طول خدمتها له ولأولاده لسبب تافه أو لغير سبب، وأعظم منه جرماً أن ينسى بعضنا حق والديه عليه وما قدماه له حال صغره، فيعرض عنهما في كبرهما، ولربما أهمل رعايتهما، وأسلمهما إلى دور الرعاية لتقوم بالواجب نيابة عنه.
لذا فنحن أحوج ما نكون للتأمل في خُلة جميلة تزين بها المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وهي الوفاء الذي هو حسن العهد، وهو الذي عده النبي - صلى الله عليه وسلم - من خصال الإيمان:«وإن حسن العهد من الإيمان»(١).
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه (١/ ٦٢)، والبيهقي في الشُعب (٦/ ٥١٧)، وقال البخاري في صحيحه: "باب: حسن العهد من الإيمان".