وأما المؤمن فيَفْرَق من عقاب الله وحسابه، فيتقيه بخصلة جميلة، وهي العدل والإنصاف من النفس والاعتراف بالحق والتراجع عن الظلم؛ هذه فضائل أمر بها الله في القرآن {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى}(النحل: ٩٠)، والتزمها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي كان خلقه القرآن.
قال المناوي:"والإنصاف من نفسك أي معاملة غيرك بالعدل والقسط، بحيث تحكم له على نفسك بما يجب له"(١).
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخوف الناس لربه وأخشاهم له، وكان أحرصهم على أن يلقى الله وليس لأحد عليه مظلمة، وهذا بيّن وجلي لمن تدبر أحواله - صلى الله عليه وسلم - التي أنصف من نفسه، فلقي الله وليس لأحد في رقبته حق يسأله عنه يوم القيامة.
فقبيل وفاته - صلى الله عليه وسلم - وُعِك، فعصب رأسه، وأخذ بيدي الفضل، فأقبل حتى جلس على المنبر، ثم خطب فقال: «أما بعد، أيها الناس، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، وإنه قد دنا مني خُفُوق من بين أظهركم [أي اقترب موته - صلى الله عليه وسلم -]، فمن كنتُ جلدتُ له ظهراً فهذا ظهري فليستقد منه، ومن