ولا الدد مني» فإن الدد اللهو والباطل، وهو كان إذا مزح لا يقول إلا حقاً" (١).
وقد مزح النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه، فكيف كان - صلى الله عليه وسلم - يمزح، ولم كان يمزح، هل لمجرد الضحك والتسلي، أم كان له - صلى الله عليه وسلم - في مزاحه مقاصد سامية؟
لا ريب أن مزاح النبي - صلى الله عليه وسلم - مبرء عن العبث؛ مشتمل على مقاصد عظيمة ودروس تربوية بليغة، ما أحرانا أن نعمل على تلمسها من خلال تتبع بعض صور مزاحه - صلى الله عليه وسلم -.
وأول ما يلوح لنا من هذه المقاصد في تحببه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ومؤانسته لهم، وقد نبه عليه النووي بقوله: "المزاح المنهي عنه ما فيه إفراط ومداومة، فإنه يورث الضحك والقسوة، ويشغل عن الذكر والفكر في مهمات الدين، فيورث الحقد، ويسقط المهابة والوقار.
وما سلم من ذلك هو المباح الذي كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعله، فإنه إنما كان يفعله نادراً
(١) فيض القدير (٣/ ١٨)، والحديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد ح (٧٨٥)، والطبراني في الأوسط ح (٤١٣)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ح (٤٦٧٣).