تشغل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها زحمة الواجبات وكثرة الأعباء، فلكل وقته، ولكل حقه في وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومستحقه.
ويواصل أنس حكاية حال النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الأطفال، فيقول:(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أفكه الناس مع صبي)(١)، وهذه المعاني أدركها أنس في طفولته التي قضاها في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخدمه عشر سنين، فهو أعرف الناس بها، وهو أحفظ الناس لها.
إن اللغة التي يفهمها الطفل هي لغة الحب، ومفرداتها القبلة الحانية والحضن الدافئ واللعب البريء، وهذه اللغة الرخيصة في تكاليفها عظيمة في قيمتها، والعجب في بخل بعض الناس بها تكبراً وغروراً، بل قسوة وجفاء، من هؤلاء الأقرع بن حابس التميمي، فحين رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل حفيده الحسن بن علي؛ قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً. أي فخر يفتخر به هذا؟ أيفخر المرء بقسوة قلبه وجفاء معاملته؟ هل يخدش مكانته ويحط من منزلته لو كان يحنو على طفله بقبلة أبوية؟
(١) أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط ح (٦٣٦١)، والبيهقي في دلائل النبوة ح (٢٨٣).