للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنتدبر موقفاً آخر يقصه علينا معاوية بن الحكم - رضي الله عنه -، فقد دخل المسجد يوماً يصلي مع الصحابة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعطس رجل أمامه، فشمَّته معاوية وهو يصلي (١).

ولما كانت الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس استنكر الصحابة فعله، وهم في صلاتهم، يقول معاوية: (فحدقني القوم بأبصارهم) لاستغرابهم من رجل يتحدث وهو في الصلاة. لكن الموقف ازداد تعقيداً حين استنكر معاوية أنظارهم، وجعل يقول لهم وهو في صلاته: (واثكل أمياه، مالكم تنظرون إليّ؟).

فزاد استنكار الصحابة لكلامه في الصلاة (فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم)، وأخيراً فهم معاوية مرادهم: (فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت).

وحين انتهت الصلاة لنا أن نتخيل الأنظار وهي تتوجه إلى معاوية تلومه، ومثل هذا يتمنى – كما يقولون – لو تنشق الأرض وتبتلعه قبل أن تلتهمه العيون بنظراتها العاتبة القاسية!.


(١) التشميت هو قول القائل لمن عطس: (يرحمك لله)، وهو أدب نبوي رقيق، لكن محله ليس الصلاة.

<<  <   >  >>