إذا علم تحريم موالاة أعداء الله تعالى وموادتهم، فليعلم أيضا أن الأسباب الجالبة لموالاتهم وموادتهم كثيرة جدا، ومن أقربها وسيلة مساكنتهم في الديار، ولاسيما في ديارهم الخاصة بهم، ومخالطتهم في الأعمال ومجالستهم في المجالس ومصاحبتهم وزيارتهم واستزارتهم وتولي أعمالهم وتوليتهم في أعمال المسلمين والتزيي بزيِّهم والتأدب بآدابهم وتعظيمهم بالقول أو بالفعل. وكثير من المسلمين واقعون في بعض هذه الأفعال الذميمة، وبعضهم واقع في كثير منها فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وكما أن الله سبحانه وتعالى قد كرر النهي لعباده المؤمنين عن موالاة أعدائه وشدد عليهم في ذلك وحذرهم مما يترتب على موالاتهم من الفتنة والفساد في الأرض وسخط الله وأليم عقابه في الدار الآخرة، فقد أمر تبارك وتعالى مع ذلك بالغلظة على أعدائه والشدة عليهم ومعاملتهم بما فيه إذلال لهم وتصغير وتحقير لشأنهم وكل ذلك بضد موالاتهم وموادتهم قال الله تعالى:{ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} وقال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر