وأما تهنأتهم وتعزيتهم فالأصح تحريم ذلك كما جزم به كثير من العلماء وعللوا ذلك بأنه يحصل الموالاة ويثبت المودّة ولما فيه من تعظيم أعداء الله تعالى فيحرم لذلك كما تحرم بداءتهم بالسلام والتوسيع لهم في الطريق.
ومما لا ريب فيه أنه من موالاة أعداء الله وموادتهم ما يفعله بعض الناس من الذهاب إلى أعداء الله تعالى في أيام عيدهم فيدخلون عليهم في بيوتهم وكنائسهم ويهنئونهم بأعيادهم الباطلة وما هم فيه من السرور بها، ولقد ذكر لنا أن هذا يفعله كثير من المنتسبين إلى العلم فضلا عن العامة. وقد قيل في تفسير قوله تعالى:{والذين لا يشهدون الزور} أن المراد به أعياد المشركين حكاه البغوي عن مجاهد، وحكاه ابن كثير عن أبي العالية وطاووس وابن سيرين والضحاك والربيع بن أنس وغيرهم. وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن عطاء بن يسار قال: قال عمر رضي الله عنه: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم. وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عطاء بن دينار قال: قال عمر رضي الله عنه: لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم.
وروى أيضا بإسناده عن البخاري صاحب الصحيح قال: قال لي إبن أبي مريم: أنبأنا نافع بن يزيد سمع سليمان بن أبي زينب وعمرو بن الحارث سمع سعيد بن سلمة سمع أباه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم.