للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان تفكيرنا الأساسي أن نمر فقط بباريس لنذهب مباشرة لاكتشاف عالم آخر. كانت آفاق كل من الاكتشافات والمغامرات الباعثة على الحماسة ترتسم أمامنا. وقد عزمنا على أن نتدرب عصر يوم بأن نهبط إلى قعر وادي الرمل من جانبه الشديد الانحدار، أي جانب الطريق المنحوتة من الصخر تجاه طاحونة (كاوكي). والواقع أن ذلك كان مغامرة مهلكة حقاً أكثر مما كنا نظن، فالحجارة والحصى كانت تنزلق تحت أقدامنا وتزحلقنا وتهددنا بدفننا في ركامها المتهافت، الذي تثيره أقدامنا إثارة لا تحفُّظ فيها ولا حيطة.

وأذكر أني كنت أرتجف كل الارتجاف حين بلوغنا قعر الوادي. ثم شرحت لصديقي من جانب آخر أنه ينبغي أن نعد أنفسنا لمقامنا في فرنسا، أياً كانت مدته، قبل أن نولي شطر المغامرة الكبرى.

فعزمنا في النتيجة أن نذهب لنأكل وجباتنا الأخيرة لدى مطعم أكثر أناقة من (بوكاميه)، لنتعود على السكين والشوكة حتى لا نظهر بمظهر مضحك أمام الفرنسيات الجميلات.

من ناحية الملبس فقد كنت مجهَّزاً تجهيراً كافياً، وكانت ملابس صديقي مجهَّزة نوعاً ما عدا غطاء الرأس. فقررنا ليلة رحيلنا أن نذهب ونشتري قبعتين من مخزن (المالطي الصغير Le Petit Maltais).

وهكذا أصبحنا جاهزين للسفر.

...

كنت في العشرين من عمري حين رأيت البحر لأول مرة، وقد تراءى لي ونحن نطل على (سكيكدة philippeville) ذلك الصباح. لقد عرفته من قبل عبر شاشة سينما قبل اختراع الفيلم الملون؛ لكنني الآن وأنا أراه أمامي على بعد في نهاية الشارع الذي دلفنا إليه في المدينة، يبدو لي أجمل بكثير مما تخيلته. لقد بدا

<<  <   >  >>